يحاول هذا الكتاب أن يتابع الخطوط العريضة لأصول التشكيل العقلي الذي نفذه الإسلام، فمنح اتباعه تلك القدرات الفذة على الفعل والعطاء والإبداع.
ويعالج الكتاب. في فصوله الأول. النقلات، أو التحولات الأساسية التي نفذها الإسلام، أو منحها بعبارة أدق، عقول أتباعه في المجالات التصورية، والاعتقادية، والمعرفية، والمنهجية.
ويسعى في فصله الثاني لتقديم عرض موجز لأبعاد التحقق التاريخي، الذي نفذه العقل المسلم على عين الله وتوجيه رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم أما الفصلان الأخيران فيؤشران على ملامح التوجه الحضاري لهذا العقل، والحضارة التي يطلب منه أن يصنعها على اختلاف الأمكنة وتغاير الأزمان.
إن بعض الدراسات تعمدت أن تبرز الفكر الخلدوني كما لو لم تكن لمعطياتها أي علاقة بالأرضية الدينية منهجاً وموضوعاً، وتخرجه من بيئته الإسلامية التي عاش فيها، وتحرك عبرها، وتقذف به بعيداً إلى مناخات ما كان يعرف
عنها شيئاً ولا خطرت له على بال.
إنه انفصام غريب بين الرجل وبيئته ذلك الذي سعت تلك البحوث إلى تأكيده بالأدلة الناقصة حيناً وبالقسر حيناً آخر
ويأتي هذا الكتاب لكي يعيد ابن خلدون إلى موقعه الحق، وليداً شرعياً للبيئة الإسلامية وابناً باراً لهذا الدين.